(لا يطرق طينتي أحد، أفتح لوحشة الصمت، الذي تحفظ فيه الطبيعة سرها، وتشيع روحه الغاربة، في المجرات وفي الأبد، أنا الآن أكبر من حدود الحنين، وتنويهات الذاكرة، أنا الآن يقظة الموتى، واحتضار كل شيء). إحداثيات الإنسان، ص:121.
( ماذا عساي أن أفعل، وإلى أين اتجه، إن الموت قد تمكن من لبي وجوارحي، أجل، في مضجعي يقيم الموت، وحيثما أضع قدمي يربض الموت ).
ملحمة جلجامش.
كانت الخطيئة الأولى، قتل قابيل لأخيه هابيل، وكان موت هابيل افتتاحاً للعالم الآخر، فأدرك الإنسان الموتَ، وبمرور السنين، تيقن من أن الموت أمر لا بد منه، ولا حيلة أمامه سوى الخضوع.
قايين وهابيل في المسيحية:
{(1 ) وعرف أدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين وقالت اقتنيت رجلا من عند الرب (2) ثم عادت فولدت أخاه هابيل وكان هابيل راعيا للغنم وكان قايين عاملا في الأرض (3) وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب (4) وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه (5) ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه (6)فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك (7) إن أحسنت أفلا رفع وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها (8) وكلم قايين هابيل أخاه وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله (9) فقال الرب لقايين أين هابيل أخوك فقال لا أعلم، أحارس أنا لأخي (10) فقال ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض (11) فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك (12) متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها تائها وهاربا تكون في الأرض (13) فقال قايين للرب ذنبي أعظم من أن يحتمل (14) أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك اختفي وأكون تائها وهاربا في الأرض فيكون كل من وجدني يقتلني (15) فقال له الرب لذلك كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده (16) فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نود شرقي عدن }
الكتاب المقدس - العهد القديم.
(تكوين4: 1-16)
قابيل وهابيل في الإسلام:
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يدي إليك لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31)}
صدق الله العظيم.
(المائدة27-31)
__
وقف الإنسان منهزماً أمام الموت، فهو خصم لا يمكن التغلب عليه، وفكرة غامضة لم يُدرك كنهها، ومجهول محتم بلا استثناء .
تناولت الحضارات القديمة، والديانات، والفلسفة الإنسانية الموت بعدة طرق، ففي الديانة الهندوسية مثلاً، الموت هو طور من أطوار التناسخ، ويُضبط بقوانين (الكارما) والكارما هي قانون الجزاء الذي يثاب المخلوق به على حسناته، ويعاقب على سيئاته في أطوار تناسخه، وذلك بمعاناته في حياته التالية. وعند قدماء الكوشيين لا يختلف الأمر كثيراً، فقد كانوا يؤمنون بعودة الروح إلي الجسد، فاتخذوا من التحنيط وسيلة للتخليد وإنكار الفناء، وكانوا يؤمنون بيوم الحساب، وأن الإنسان بعد موته يحاكم، علي يد الإله (أوسيرس) واثنين وأربعين قاضياً، فزودوا موتاهم بالمواد والمعدات وكتاب الموتى، لتكون شواهد على أعمال الميت. فإذا مال ميزان سيئاته، يعاقب بأحدي عقوبتين، إما أن يلقى به في دار العقاب، مع النيران والأبالسة، حتى تتطهر نفسه، ثم يسمح له بالعودة للأرض على هيئة جسد بشري، أو بأن يساق إلى الأرض ليعيش على هيئة أحدى الحيوانات أو الحشرات النجسة في أطوار تناسخه التالية، والحيوانات النجسة في الحضارة الكوشية هي( الخنزير- الضفدع- القرد- الحمار- والكلب) أما الحشرات النجسة فهي( الخنفساء- الذباب- البعوضة) على سبيل الذكر لا الحصر.
أما الموت عند البابليين والسومريين ففكرته متشابهة حسب ما نَصَّت عليه النصوص القديمة، فكلاهما ينكران البعث والقيامة، وقد سمى البابليون عالم الموت (أرالوا ) والأموات فيه متساوون في حقوقهم ومستوى معيشتهم. وقد سُمي عند السومريين بالعالم السفلي، والذي يحكمه الإله (نرجال). وكانوا يعتقدون بأن روح الميت لا تفنى، بل تتمثل في شبح يدعى (أدمو) ينزل مع الميت إلى العالم السفلي ويظلُّ ملازماً له في ذلك العالم، شريطة أن يُدفن الميت حسب المراسيم الدينية المنصوص عليها, وإذا لم تتوفر هذه الشروط انقلب (أدمو) روحاً شريرة تخرج من عالم الأموات وتلحق الضرر والأذى بالأحياء.
__
بجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يطلق عليها أسم مغارة الدم، يقال بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، والله أعلم بصحة ذلك.
* في اللنك أدناه فيديو مصور عن المغارة المذكورة، ولا يخلو الفيديو من بعض الطرافة.
http://www.jeeran.com/videos/1818427/الجبل%20يبكي/?ref=715&lang=a
يتواصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق