العالق في الفضاء، حراً مستوحشاً، يهمس للدفء، واختراق الرئة، للاعتصار ومدُ الجسدٍ بحقولٍ ملغومةٍ، وأقدام متأرجحة، لوجه محترق، نافر العروق مختنق الحدود، حدود فرضها التاريخ وحبرها البشر.
الروح، فقاعات مطاطية، سنابل ملونة، تشق الكون، وتطرق الأرض، تتماهى في الآخر، أنت الآخر إذاً، فأكسر الدائرة، واصعد خشوع الحناجر للديانات، اقفز ملتهباً وقبل شفاه الأرض، أرشف براكينها وهي تموج وتتلوى كجسد لامسته الشهوة، وانفثه على وجهٍ لعالم مشوه، مبتور، ليعاود الالتحام، وتنصهر الحدود، حلقِ يا فقاعات، استنشقِ الوجود، اسحبِ العالم للرئة، ثم عاودي الهبوط كنغم موسيقي يتأرجح ثملاً للجسد.
الحالك في السواد، حَشرَجَ في الجوف سَحِيلاً مشرئب القهر، تسدل نجمة ظلها على كتفِ شاطئٍ إِصِمتَ شهد معني الجسارة، نبحت بوصلة باتجاه الجنوب، نهضت الكلاب بأصواتها تباعاً، دمُعت الاتجاهات بنواح النسوة وفاضت عن جغرافيا البرك، والبحيرات الملقحة، عن الشواطئ المظلمة، وصديدها المُصفر، إن كان لليل إكليل متجهم، فمِرآة تقيأت من قبح ناظرها، مرايا تصدعت من طنين السيوف وحراب جائعة لرائحة اللحم النيئ. الناظر لوجه في مرآة مهشمة، يدرك معني التشظي والانقسام.
العالق في الذاكرة، يتيم البيئة، مصلوب على وقتٍ يفضي إلى ميناء، يستدبر الوطن، ويشيح بوجهه عن الأسماء، يقتلع هيئته من بركة لدماء لزجة، سلبت ملامحه، وأفرغته موتاً إضافياَ لمجموعة وجوه تراكمت على سطح مياهٍ يابسة، أنبتت عظاماً وهياكل، خطى عليها حافي القدمين، تفسخت قدماه ودُميت، رشقت الشفاه بزرقة تنبأت عن صعود الروح، تنفضت الدماء من الجسد الشاحب، وعوت في أقاصي الروح اللامنتمية، انبجس الخوف من طفولة تقتات على نتوءات في هيكل البراءة، الخوف، الخوف ميقاتٌ لنحرِ الطبيعة، وقربانٌ قلقِ وإرتباك، يزأر شريان منتهك، يكشِرُ عن أنيابه، تقذف الرياح بسائلها المنوي خارج غلافٌ جويّ، تموء الأرض شبقاً، تلعق باطنها وتعري تربتها، تغني الروح الثائرة لحريتها، موتئذ يُهال تراب على طين تجرد، ليجف الجسد ببطء رخوٍ يشق طريقه للقاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق