السبت، 20 فبراير 2010

منفى اللغة ومقصلة الحنين






بودلير، يا سيدي المُرهِق، أناجيك بعد أن استنفذ العمر مخزونه من الأسى ورصيده المعد سلفاً للمعاناة، أدفع بأحرفي لأفض عذرية البياض الموحش، أقدم قرابين الانتماء لوطن العبارة لديك، بعد أن أقحمتُ نفسي بنفسي في شِباك منفى اللغة وفقدان هويتها. ما أقسى أن تفطمك اللغة على صغر، فتتغذى على حليب أُعْتِصِر من أثداء متعطشة، بأيدٍ كانت المتعة غايتها، وبشفاهٍ كانت الشهوة دافعها، بدلاً عن فم رضيع كان البقاء دافعه. إن لغتي لمنفاي، ووجودي غربتي، ونفسي ضريحٌ وُضِعتُ فيه. ما أقسي كل هذا.
{إن نفسي قبر أطوف فيه وأقيم منذ الأزل بثياب راهب ضال}، بودلير.
___
} للأحاديث شجون، فالحنين، يقسر النفس على تذكر (المعاناة) ، كقصيدة وأغنية}

نعم يا صديقي، للروائح ذاكرة، وللمواسم ذاكرة، وللتوقيت ذاكرة، وللموسيقى ذاكرة، وللإنسان ذاكرته الشاملة، التي تجمع مابين كل تلك الذكريات، تقويه وتضعفه، تسعده، تشجيه وتحزنه.

رائحة الطين، {والتي حين يستنشقها الإنسان يحس بالانتماء لكرة طينية كبرى}، كما قلت أنت، الانتماء، الأرض والوطن، المنافي والموت، والاغتراب ذاتياً، وجودياً وجغرافياً، كلها عجلات خشبية تدحرج النفس للحزن، وتزأر داخلك وأنت تستمع لحشرجة احتكاكها بالموت.كبائع متجول عجوز يزأر جاهداً لرزقه وتزأر العجلات بأساه.

قديماً كنت أفكر في العلاقة القوية التي تربط الفرد بالوطن وصلت لفلسفة ربما كانت غريبة نوعاً ما، وهي أن الإنسان يخلق من طين وطنه، من ذات الأرض التي أنجبته أبناً، وأرضعته من خيرها. ولكن وبعد أن تجرعت كُؤُوس غربتي لم أجد انتمائي إلا للموت، كفكرة عظيمة، كفناء طبيعي للجسد، كشيء غامض لم يُدرَك كنهه، الموت كفكرة، تؤرق كل كاتب، التجربة التي يتمنى الكثيرون خوضها والعودة من جديد للكتابة عنها، درويش كاد أن يفعلها، جدارية درويش هي رحلة الموت والعودة للكتابة عنه من جديد، محمود درويش تناول الموت في أكثر من قصيدة، تحدى الموت بكلماته، وغير مفهومه داخلي لطالما كنت أوصد بابي في وجهه، كضيف ثقيل الظل غير مرحب به، عندما مات درويش، وخرج الملايين لوداعه، كاد الدمع أن يثقب عيني وأنا أمنعه من التسرب، في نهاية المطاف نثرت حزني علي شجني، وأشعلت الجسد برغبات الرقص وثرثرته خلف إيقاع موسيقي صاخب، لطالما رحب محمود درويش بالموت، لطالما سَخِر من الحزن. فِلَم خذلانه بالبكاء والنحيب؟

ارتباط غربتي بالموت وما بعده، طور فكرتي الأولي، كنت ذات يوم داخل إحدى المقابر القديمة بلندن، أُناس قبروا قبل عشرات السنين، قبور حُفرت منذ القرن السابع والثامن عشر، حُروف نُحتت تنعي أصحابها: (مازلت خالداً في الدواخل- أسبوتوود ولد عام العام 1696 وتوفي في العام 1785) وأخري نقش عليها(نبُكيك مدي الدهر، ويخلدك التاريخ – أنطوني كاسار، أشرقت شمسه في ويلز عام 1873 وغرُبت في السودان عام 1948) .
كنت علي علم مسبقاً أن المقبرة تضم جثث عشرات الجنود الإنجليز الذين قتلوا في السودان، يا كسار.. ولدت في بريطانيا، توفيت في السودان ، وقُبرت في بريطانيا. ويا نفسي، وُلدتي في السودان فأين ستنشدك المنية؟ وأين سيقبرك القدر؟..أين سيقبرك القدر؟ هل حقاً يخلق الإنسان من طين وطنه؟ أم من طين قبره!! توقفت كثيراً والجملة الأخيرة تتضخم داخلي، ارتباطنا بالطين، أكبر بكثير من ذاكرة الروائح يا صديقي، هو ارتباط بالتكوين والممات ومن ثم النشور.

تحدثتَ عن الروائح، فانزلقت بي الذاكرة لسنوات قحطي الأولي في المنفى، لا الوطن وطني، ولا الوجوه سحنتي، لن أراهن كثيراً علي اللغة، فان غربتي مع اللغة بعيــدة وممتدة منذ أن أضرم الوعي بنار ثورته فيني ، لم أحس يوماً بانتمائي للعربية كلغة أم، فالنوبية هي لساني الأخرس الذي فقدته مبكراً إثر انتقال أسرتي للخرطوم وأنا في شهري الخامس، كان كل من في المنزل يحرص علي التحدث معنا بالعربية، تلك جدتي تنادي(يا بنت يا ثروت تعال هنا) فأضحك مرددة (يا بنت وتعال هنا، في إيه يا *يو!) ثم أبتسم بخبث مقلدة صوتها بسخرية:(أنت يا مرة أنت بناديني ولا بنادي أخوي) تفرهد شفاهها السمراء ضاحكة وتقول( إمَّنا هي مصيبيي) تقصد ضاحكة أني مصيبة جاد بها كل من والدي وابنتها علي الزمن.

أسمعهم يتحدثون إلى بعضهم بالنوبية، فانصرف عنهم باهتماماتي، لم يكن ولعي بها كثيراً آنذاك، لم أهتم بتعلمها، كان فهمي لكتابات الطيب صالح يغنيني عن تعلمها، وأنسي الحاج وكافارني وابن عربي، يجردوني من تذكرها، وكانت الأنشطة الطلابية والألقاب المكتسبة تحد بيني وبين الهوة، بدأت السنين بلإنكماش، تمر السنة وكأنها شهر، ويمر الشهر وكأنه يوم، بدأ الاستلاب الفكري في التفاقم، وبدأت الهوة بيني وبين العربية في التصدع، لم تعد تأويني، أشعر بالضياع، لا أستطيع الوصول إلى طيات أفكاري بها، وبدأت لا شعوريا أميل للتعلم اللغات، اعتقدت حينها بأن ميولي لتعلم اللغات هواية ولكني أدركت لاحقاً بأنها كانت محاولات مستميتة لردم هُوَّة التغرب داخلي.

دخلت الجامعة، وكان لي ما أردت طالبة بكلية الآداب قسم اللغة الروسية والإعلام، لكن وبعد محاولات مستميتة من الأسرة تم إقناعي بالتحويل لقسم المحاسبة جامعة الخرطوم، وكان لهم ما أرادوا. أثناء دراستي التحقت بمركز السُدس (مركز داخل الجامعة يتم فيه تعلم اللغة الفرنسية) التحقت به كمحاولة للهرب من منفي اللغة، أذكر مناكفة أصدقائي لي وسخريتهم الضاحكة (والله يا ثروت كأنك بتغسلي بنطلون جينز) فأجيبهم ضاحكة، أزرق ولا اسود.

مرت الأيام، توقفت عن متابعة دراسة الفرنسية بعد أن اكتشفت أن ضالتي ليست بين طيات حروفها، أخذني طلب العلم وملاحقته إلى إنجلترا، تعلمت الإنجليزية، ولا سبيل للخروج من منفي اللغة، منفي اللغة، أين أنا من هذه اللغة، التحقت بإحدى الجامعات كتكملة لدراسة المحاسبة، و في ذات الوقت بدأت في تعلم اللغة الأسبانية كخيار أخر للهروب من منفي اللغة، لم أجد ضالتي فيها أيضاً ولكني باقية علي دراستها حتى الآن فما أجمل القراءة للوركا بعيداً عن أخطاء الترجمة الفادحة والجافة التي تتم في حق النصوص المترجمة، أذكر حديثاً لكونديرا اعترض فيه على عدم مصداقية بعض المترجمين في ترجمة النصوص قال فيه:{ للأسف، فإن من يقومون بترجمة أعمالنا، إنما يخوننا, إنهم لا يجرؤون على ترجمة غير العادي وغير العام في نصوصنا، وهو ما يشكل جوهر تلك النصوص. إنهم يخشون أن يتهمهم النقاد بسوء الترجمة وليحموا أنفسهم يقومون بتسخيفنا}.

كنت أحاول الانتماء للغة حتى وإن أدارت هي ظهرها، لم أكن أدرك أنني بذلك أرتكب حماقة تلو الأخرى، أنني أوسع حدود غربتي ، وأمد من عمرها ما مدَّ الله من عمري، لم أكن أدرك آنذاك أن حل المشكلة أقرب من روسيا وفرنسا وبريطانيا وأسبانيا، وأن حلها في لسان جدتي الكوشي، والتخلص من حياء والدتي وحرجها حين التحدث مع أصدقائي خوفاً من قيامها بتأنيث مذكر..أو تذكير صديقة.

* يو: تعني أمي في اللغة النوبية.

Photo by: Google*

هناك 19 تعليقًا:

  1. هشام طه المجمر25 فبراير 2010 في 3:51 ص

    يا ثروت

    بدا كان معنا فى المدرسة طالبا يدعى ثروت

    يوى لم تخطئ حينما قالت يا بت يا ثروت تعال هنا و يبدو لى انك كنت متفردة عن بنات جيلك باهتمامات مختافة لا تخصهن من بعيد او قريب.

    نصك يحمل الكثير من الشجن و لوعة غربة الروح الحارقة.

    كان و ما يزال لى زملاء من ابناء النوبة و جدى لوالدتى كان من ارقو ولا اعرف لماذا يرتبط شكل اهل تلك المنطقة فى ذهنى بعم عوض صالح ابن عم امى و زوج خالتى المرحومة حرم.

    عوض صالح حارب فى اثيوبيا مع قوة دفاع السودان المساندة للانجليز. عندما عاد للسودان بعد الحرب اشترى عربة تاكس من ماركة بيجو و اشتغل عليها بنفسه و كان يدخن الغليون ولا يتحدث كثيرا. و عندما يتحدث يغلب على حديثه اللكنة النوبية و كنت احبه جدا و انتظر لحظات زيارته لنا لأتفرج على جلبابه النوبى المكوى سيف دائما واستمتع بلغته العربية " المنوبة" التى كنت اجدها غاية فى الطرافة.

    عمل عم عوض صالح عدة سنين بالخرطوم تيسرت فيها حالته المادية و اغتنى مزرعة جميلة على النيل فى شمبات و اشترى اكثر من منزل و فجأة باع كل ما يملك و ذهب لأرقو ولم يرجع للخرطوم الى ان توفاه الله بعدها بسنين عدة.

    لم افهم تصرفه هذا وانا الذى كنت اعتقد انه يحب طريقة الحياة فى الخرطوم و كنت اسمع أنه له صولات وجولات فى ارقى مشاربها فى ذلك الوقت وله محبين و محبات.

    بعد أن قرأت ما كتبت رجعت لذكرى العم المرحوم عوض صالح و بدأت افهم لماذا باع كل شئ و رجع للبلد.

    شكرا على متعة القراءة و تحفيذ الذهن

    ردحذف
  2. يا آ ثروت

    طوبه أولى فى المدماك الأول لمنفستو الحنين خاصتى فى هذه المدونه

    ردحذف
  3. هكذا هُن الكنداكات ... الأن تعلمون ما أتحدث عنهُ ... نعم كُلِهِن " ثرَوت " شموخ ويسِرن دَومًا إلى حَيث الشمس

    شُكرًا أُخت ثرَوت

    عزام حسن فرح (عبري)

    ردحذف
  4. أول ما يشدني إلي هذا العبق من الكتابة ذات العمق الفكري والوجداني انها تبعث الطمانينة بالمستقبل الذي قد كان يبدأ فى التسرب حثيثا من بين ايدينا الي
    مجاهيل موغلة فى القتامة . ذاك إحساسنا جميعا والذى يظهر بين ثنايا كتابتنا حتي وإن لم نفصح به . وهو نفسه
    ما يؤرقني، حين يطل الموت فى غير مكانه وغير زمانه، ليعيد فى دواخلنا تشكّل ولادة جديدة وخلودا ابديا. عجزنا او عجز زماننا فى استيعابنا (وبقينا اكبر منه وقدرنا واستحملنا) كما يقول شاعرنا سعد الدين ابراهيم (كان نبقى فى المستقبل بس نحن ما اتمهلنا). الكتابة يا ثروت بهذا العمق هي احتراق . صمد درويش امام الموت لانه لم يقل كل ما عنده وقتها . وهو يقول
    أُطلَُ علي ما وراء الطبيعة:
    ماذا سيحدث...ماذا سيحدث بعد الرماد؟
    أُطلَُ علي جسدى خائفا من بعيد...
    أُطلَُ كشُرفةِ بيت علي ما أُريد
    أُطلَُ على لغتي بعد يومين يكفي غيابُُ
    قليلُ ليفتح أسخِيليُوسُ الباب للسلم،
    يكفي
    خطاب قصير ليُشعل انطونيو الحرب
    يدُ امرأةٍ في يدي
    كي أُعانق حُريتي
    وأن يبدأ المدُ والجذرُ فى جسدى من جديد

    أُطل كشُرفةٍ بيت على ما أُريد
    أُطلُ علي شبحي قادما
    من
    بعيد
    والموتُ ذو صلة بالحنين وربما اواصل فى بوح آخر

    ردحذف
  5. سيري الي الامام، وعين الله ترعاك، وكلنا خلفك.

    ردحذف
  6. هشام المجمر
    سلام وتحايا.
    شكراً لمرورك الجميل، استمعتُ كثيراً بما خطاهُ قلمك، ولي تعقيب عليه، فقط مزيداً من الوقت.
    شكراً مرة اخرى

    ردحذف
  7. محمد المشرف
    شكراً للدعم الدائم.
    تسلم يا صديقي.

    ردحذف
  8. المُقدامي عزام، وفي مقولة اعرفها عزام حسن فرح.
    شكراً لمرورك الجميل، دمت بعافية.

    ردحذف
  9. محمود درويش، كتب عن الموت بكثافة، كما الحال عند نيكوس كزانتازاكي، والذي تحدى الموت بكلماته، وصلابته، ومقاومته للمرض والشيخوخة.

    تمنيت لو تركت اسمك على التعليق، فهذه الكتابة تذكرني بأحدهم.
    :)
    شكراً.

    ردحذف
  10. شكراً عبد المنعم للثقة الكبيرة.

    ردحذف
  11. الكتابة والموت وجهان لعملة واحدة ما اشقانا بهما معا واصلي اغترابك ليتدفق هدا الرحيق

    ردحذف
  12. ثروت تعلمى الاسبانية والصينية و اكثري من الانجليزية
    فاللغة كائن حى لا كائن لنبعث فيه الحياة...
    ثروت هل سمعتى بلغة اِندثرت تم بعثها من جديد؟؟؟ موت اللغة قدر لا يحتمل التأجيل أو المماطلة فموت اللغات حق..
    الاِحتفاء المبالغ بلسان جدتك الكوشي وسيلة للتكفير عن غياب الانتماء( كسلام أهل قرية الطيب الصالح,,,,)
    اللغة هى ما تعبر به كتاباتك الجميلة للاخر

    ردحذف
  13. هذه كتابة عميقة و جميلة, كم يؤرقنى سؤال اللغة و الثقافة كمهاجرة و ام لاطفال بالكاد يتحدثوا بلسان امهم, تذكرنى بنص شعرى لشاعره هنديه كينيه "Children in my dream speak Gujarati" للشاعره "Shailja Petal" تتحدث عن غربتها المزدوجة كمهاجره هندية لكينيا تفقد لسانها الام لصالح لفة مهجرها الاول السواحلية و للغة التعليم المهجر التانى امريكا الانجليزيه.و حالة alienation اللغة و الانتماء,عندما نتحدث يلغة و نحلم بلغة اخرى, عندما نفقد لسان الام هل تفقد معه الثقافة الام. كيف يمكن ان نتحدث عن تقافة و تقاليد واشكال تعبير يلغة اخرى مختلفه تجربة الشاعر سنغور و هو يكتب قصائده بالفرنسيةو يدعو لتمجيد الثقافة الافريقيه و اشكال التعبير الافريقيه, باى لغة كان يحلم بنساء joal السمراوات الجميلات؟
    هل ندع اطفالنا يحلموا باللغه التى امتلكوا نواصيها و عبرت عنهم دون ان نشوش احلامهم بلغةلا ينتموا اليها و لاتعبر عنهم, ارى تجربتك يا اخت ثروت فى البحث عن اللغة الانسب و التى تعبر عنك تجربة جديرة بالتامل

    ردحذف
  14. نعم يا أخي، الكتابة والموت وجهان لعملة واحدة، وهي الإنعتاق، والتحرر.
    شكراً للقراءة والتعقيب.
    تسلم.

    ردحذف
  15. تحياتي أخي العزيز
    اللغة كائن حي( مجازاً) تعبير جميل لحالة تكاد تكون موجودة، لكني لا أتفق مع صيغة المطلق في عباراتك بأن موت اللغات حق، قد يصح التعبير في حالات بعينها، فناء جميع متحدثيها، أو إندثار حضارة إندثار تام.

    شكراً اخي العزيز علي المرور والتفاكر.
    كامل الإحترام.

    ردحذف
  16. أختي العزيزة فرح
    لكم سعيدة بمداخلتك الثرة، والتي جابت بي في شعر Shailja Patel، شكراً كثيراً علي هذه المفاكرة العميقة، وأتمنى أن اقرأ لك أكثر و أكثر.
    كامل الود الإحترام
    تحياتي.

    ردحذف
  17. أنا أشكر الظروف التي دلتني لحروفك فكم وكم وكم افتقدتها منذ أنا كنا نقرأك في عكس الريح
    (ستموني )

    ردحذف
  18. صديقتي مضي العمر ولمن نلتقي من زمن وبعد قرئتي لما سبق عودني الحني لكي وللجلوس و الحديث معك كم افتقدك وافتقد كتابتك وافتقد ايام الجامعة التي جمعتنا زمنا جميل
    اسراء حسن

    ردحذف
  19. إسراء،،، صديقتي:

    *الأمر كله برهة في يقين منكب على الرتوق كإسكافيٍ
    __
    سليم بركات

    ردحذف